مهرجان المصارعة الأكبر في العالم والّذي ننتظره كل سنة بفارغ الصبر جائنا هذه السنة وفي ظروف صعبة على ليلتين متتاليتين وكئيبتين كانتا السبب الرئيسي في خيبة أمل الكثير من عشاق المجال.
ولكن .. تعلمنا في حياتنا أنه إذا أمعنا النظر في كل صفحة سوداء سنرى بكل تأكيد نقطة بيضاء، ربما تكون ضئيلة وتكاد لا ترى ولكنها بكل تأكيد تشكل فرقاً وتجعلنا ندرك أن ما نراه أمامنا ليس مظلماً بالكامل.
غياب العنصر الرئيسي الّذي يشكل القاعدة الأساسية لإستمرارية عالم المصارعة كان له الأثر السلبي الواضح على سير الأمور في مهرجان الراسلمينيا؛ ألا و هو (الجمهور) وكان ذلك جلياً في جميع العروض الأسبوعية الّتي سبقت مهرجان الراسلمينيا، فالمسألة غير مرتبطة بجودة المباريات أو بحبكة السيناريو بقدر ما أتضح لنا أنها بنسبة كبيرة مرتبطة بالمشاهدين.
18 مباراة انقسمت بالتساوي على ليلتين؛ منها الجيد ومنها السيء ومنها ما أكتفينا بنتيجته المنتظرة وأغضضنا الطرف عن ماحدث أثناء المباراة والّذي كان في كثير من الأحيان مخيباً للأمال .. فقد حقق "درو ماكنتاير" حلمه بعد سنوات طويلة، وحقق "برون سترومان" لقب العالم بعد عدة محاولات كان مصيرها الفشل، حصلنا على ثلاثية جميلة على لقب فرق السماكداون، حقق "كيفن أوينز" إنتقامه من "سيث رولنز" و حدث اللقاء المرتقب بين "إيدج" و "راندي أورتن".
ولكن هذه المرة على وجه التحديد حصلنا على شيء جديد و إستثنائي وكان مصدر جدل بين جميع من شاهد المهرجان وأغلب المتجادلين ابتعدوا عن الحقيقة الرئيسية الّتي تقول بأن المصارعة سيناريوهات!
وكما هو معروف لدى الجميع، أن المصارعة الحرة بكل أفكارها وسيناريوهاتها تنقسم إلى جزء رياضي و جزء ترفيهي، أحياناً يطغى الأول وأحياناً يطغى الأخير .. ولكن ماذا لو كان الترفيه طاغياً 100% ؟
من جانب أخر، لطالما سمعنا كلمة (المصارعة تمثيل)، ولكن ماذا لو تم إستغلال هذا التمثيل لإنتاج شيء إستثنائي يدمج الواقع بالخيال؟
لن أخوض في تفاصيل الراسلمينيا أكثر فأكثر فما حدث كان متوقعاً في أغلب المباريات (كأداء و كنتيجة) ولكن سأسلط الضوء عن مباراتين فقط:
1. الحدث الرئيسي لليلة الأولى: الإستثنائي "أي جاي ستايلز" ضد الظاهرة "أندرتيكر".
2. "جون سينا" ضد "ذا فيند براي وايات" من الليلة الثانية.
“AJ Styles” vs. “The Undertaker” >>> Boneyard Match.
الأوفر ثينكينغ (أو التفكير الزائد)؛ بكل تأكيد جميعنا مررنا بهذه الحالة في حياتنا بل أن البعض منا قد تأقلم معها وأصبحت جزءاً رئيسياً من حياته، ولكن دون أدنى شك أن الجميع قد مر بهذه الحالة عندما أطلق الإستثنائي تحديه للظاهرة لمباراة (ساحة العظام)!!!
ما هي هذه المباراة، و ماهي قوانينها، هل هذا هو الإسم الجديد لمباراة (الدفن حياً)، هل تنتهي بالتثبيت أم بالدفن أم بإنسحاب أحد الطرفين؟؟؟
كل هذه الأسئلة مرت في أذهاننا، ولكن ما شهدناه كان مفاجئً للجميع، شاهدنا ما هو أشبه بالفيلم السينمائي، ولم يكن مباراة مصارعة، كانت قتال شوارع، بل كان قتال يسعى فيه كل طرف إلى تدمير الأخر دون رحمة.
الأساس في ما شاهدناه أن الظاهرة يسعى لأن يثبت بأنه ليس كبير السن وليس مستمراً في المصارعة بتحريض من زوجته وفوق كل ذلك؛ إستمراريته كمصارع ليست مرتبطة بشخصية الرجل الميت، بل أننا شاهدنا شخصية جديدة تماماً؛ ليست وزير الظلام وليست ذي أميركان باد آس وليست ذا بيغ إيفل وليست الرجل الميت، هذه المرة شاهدنا "مارك كالاواي" يجمع كل ما سبق في شخصية واحد.
لدينا أيضاً الإستثنائي "أي جاي ستايلز" الساعي خلف المجد، حقق كل ما يريد ويعتبر نفسه المؤدي الأعظم في التاريخ وفي كل مكان تواجد فيه، والأن يريد تحقيق هدفه التالي الّذي سيصل من خلاله إلى مجده المرتقب؛ القضاء على الظاهرة!
للمباراة معاني عديدة، ففكرة التواجد في مكان مظلم مع وجود قبر تعني الكثير، فلطالما إرتبطت هذه الأجواء بـ"الأندرتيكر"، ولكن إبتعاده عن طريقة الدخول المعتادة الّتي إستخدمها في أغلب سنوات مسيرته لا تعني بالفعل تخليه عن شخصية الرجل الميت ولكنها تعني أنه لم يعد بحاجة إليها، خاصة بعد الإنكسارات المتتالية الّتي مر بها الظاهرة خلال السنوات الأخيرة من خلال هذه الشخصية.
أما فكرة تواجد توابع "الأندرتيكر" أثناء المباراة وهجومهم عليه فربما كان القصد منها هو ما تبقى من شخصية الرجل الميت والظلام الّذي لازال يلاحقه وتغلبه عليهم تعني أن تخلص من شبح الشخصية والفشل الذريع الّذي عاناه من خلالها في سنواته السابقة.
لن نستطيع أن نسمي ما حدث مباراة وأعتقد أنني أخطأت بوصفها بذلك، وأيضاً لن نستطيع أن نعتبرها (برومو ترويجي) أو (سيغمنت) قد جمع الطرفين، لقد شاهدنا خلاصة مسيرة "الأندرتيكر" من خلال تواجده في مكان مثل هذا وسط تأثيرات خاصة وموسيقى تصويرة تستطيع من خلالها فقط فهم ما يجري، ببساطة عزيزي القاريء، هي ليست مباراة ولكن نستطيع أن نعتبرها نقطة تحول للطرفين!
A Turning Point
فـ"الأندرتيكر" إستطاع من خلال ما شاهدناه أن يحصل على (ختم القبول) من جماهير المصارعة وأنه قد دفن فشله خلفه وصنع شخصية جديدة لاقت إستحسان الجميع، أما الإستثنائي "أي جاي ستايلز" فدفنه بهذه الطريقة وتوسله إلى الظاهرة لكي يعفو عنه ويسامحه تعني أنه وصل إلى أقصى درجات الضعف وحان الوقت أن تتبدل شخصيته (ليس إلى محبوب، وليس إلى مكروه) بل إلى شخصية تتناسب مع النهاية الّتي لاقتها شخصيته السابقة.
ننتقل الآن إلى الليلة الثانية:
“The Fiend Bray Wyatt” vs. “John Cena” >>> Firefly Fun House.
لا أخفي عليكم أن نوبة حزن هاجمتني وأنا أشاهد المباراة، رغم أنني لم أكن من محبي "جون سينا" مطلقاً.
هذه المباراة تتشابه مع مباراة "الإستثنائي و الظاهرة" من حيث كونها بنكهة سينمائية وترفيهية بعيداً عن مفهوم المصارعة الحرة.
ولكنها تمتلك نفس الفكرة الرئيسية ألا وهي (نقطة التحول).
دقت موسيقى "جون سينا" ودخل بطريقته المعتادة إلى الحلبة والإبتسامة لا تفارقه وما أن نطق:
Welcome to Wrestle…..
عُرضت مشاهد قديمة لكل من "فينس مكمان" و "مين جين أوكرلاند" يفتتحون مهرجان الراسلمينيا مع صور خاطفة تظهر عباراة
(Let Him In)
والمعنى كبير خلف ما حدث، لماذا تم مقاطعة "سينا" بهذه الطريقة ولم يستطع أن يكمل جملته؟
أعتقد أن المقصود من "براي وايات" في هذا المشهد أن الراسلمينيا لم ولن تكن تتمحور حول "سينا" يوماً وليس له الحق في لعب دور القائد للإتحاد في كل مرة يتواجد فيها كما لو أنه هو المتحكم الرئيسي بالراسلمينيا .. بل أنها موجودة قبل ظهور "سينا" بـ17 عاماً.
أما عباراة (دعه يدخل) فتعني إدخال "سينا" إلى ساحة "وايات" (ذا فاير فلاي فان هاوس).
ربما أصعب تحدي يخوضه الإنسان هو مواجهة نفسه! .. بل هو شيء يتطلب جرأة كبيرة؛ وهذا ما خاضه "سينا" عندما ظهر "وايات" وأخبره بأنه سيظهر له حقيقته وأنه سيواجه أخطر خصم له ألا وهو (نفسه)!
ظهر "سينا" بعدها مستغرباً ومتفاجئً مما يشاهده، ليدخل من خلال الباب محاولاً إيجاد "وايات" ليكتشف أنه دخل مكاناً شديد الظلمة كما لو كان "وايات" قد سحبه إلى عقله الباطن!
فجأة .. ظهرت دمية على شكل "فينس مكمان" تحمل قرون الشيطان وبدأ يتحدث مع "سينا" كما لو أنه أول حديث دار بين الطرفين عام 2002، وهذا المشهد يوحي بأن "سينا" دخل في ظلمات عقله الباطن وبدأ يسترجع ذكرياته وماضيه وكيف دخل إلى إتحاد الشيطان "مكمان" وكيف أن الأخير قد رأى فيه نجم المستقبل منذ أول لقاء جمعهما!
ظهرت بعد ذلك مشاهد لـ"كيرت أنغل" عندما أطلق التحدي المفتوح عام 2002 والّذي إستجاب له حينها "سينا" ليكون أول ظهور رسمي لـ"سينا" مع الإتحاد ولكن هذه المرة "وايات" هو من يقف مكان "أنغل"!
في تلميح واضح من "وايات" إلى "سينا" يخبره فيها أن دخولك من الأساس كان غلطة كبيرة ويجب تصحيحها وهذا ماحدث بالفعل عندما فشل "سينا" في مهاجمة "وايات" .. بل أن "وايات" قال له جملة من أغنية خطيبته السابقة "نيكي بيلا" قاصداً أن "سينا" لم ينجح حتى في حياته الأسرية!
ظهرت دمية "مكمان" مجدداً وبجانبه دمية أخرى تشير إلى الراحل "راندي سافاج" على طاولة التعليق وبعد ذلك تم بث مشاهد من عرض ماين إيفينت الّذي كان يُعرض في الماضي في فترة الحقبة الذهبية.
ظهر بعدها "وايات" خلف قضبان! وبجانبه "سينا" يمرن ذراعيه في إشارة أن "سينا" كان سبباً في حبس (تعثر مسيرة) "وايات" في الماضي وبالمقابل لم يكن على "سينا" سوى المضي قدماً والدفع بنفسه والقضاء على كل من يقف في طريقه حتى أُستنفذت قوته بالكامل ولم يعد قادراً على تحريك ذراعيه!
إنتقل بعدها المشهد إلى شخصية "سينا" القديمة (مغني الراب) ودخل إلى الحلبة مع "وايات" وبدأ بالغناء والتنمر عليه إلى أن ذكر له أنه (ضيع كل الفرص) ليرد عليه "وايات": كيف تجرؤ على ذكر الفرص؟، أنت حصلت على الكثير من الفرص كنت في مرتبة عالية تتغذى على ضعف الأخرين وتحوله إلى نكتة، أنت لست بطلاً أنت شخص فظيع.
يخرج "سينا" كيس الفول السوداني (الّذي أظهره مراراً في الماضي سواءاً بشخصية مغني الراب أو بعد ذلك عندما أصبح بطلاً للإتحاد).
يحاول أن يهاجم "وايات" ولكن الأخير يختفي ويظهر خلفه حاملاً سلسلة "سينا" الشهيرة ويهاجمه بها في إشارة إلى القضاء على شخصية مغني الراب.
يظهر بعدها "وايات" بشخصيته القديمة (زعيم عائلة وايات) وهي الشخصية الّتي تضررت كثيراُ بسبب "سينا" في الماضي.
وتحدث عن كونه اللون في عالم عبارة عن أبيض و أسود وأنه يملك العالم بين يديه، وأنه عندما تواجه مع "سينا" فإن الناس أرادوه هو، ولكن بالمقابل "سينا" لم يستمع لهم، وأصبح الفشل الأكبر الّذي تعرض له.
ظهر "وايات" منتصف الحلبة ونهض راكضاً في إتجاه "سينا" ليطبق حركته الشهيرة (سيستر أبياغيل) عليه ولكنه لم يكملها وأخبره بأن هذا لن يكون كافياً لإنهاء السوبرمان، وهذا قصد واضح إلى أن "سينا" في مسيرته وفي أغلب مبارياته عندما كان ينهمك خصومه بضربه دون أي جدوى؛ يقوم هو في النهاية وينهي المباراة لصالحه.
أعطى "وايات" كرسي لـ"سينا" وأخبره أن هذا هو الحل، ويقصد بذلك أن "سينا" كان يجب عليه التنازل عن فكرة السوبرمان وأن ما قام به في الماضي كان خطأ وعليه هذه المرة تصحيحه والخضوع لما خضع له غيره من المصارعين وهو إظهار الكراهية الدفينة داخله وتحوله لشخصية المكروه .. وهو عبارة عن مشهد مكرر من المواجهة الّتي خاضها الطرفان في الراسلمينيا 30 ولكن حينها قام "سينا" بمهاجمة أتباع "وايات" ولم تنجح خطة "وايات" في إستخراج الكراهية الدفينة داخل "سينا".
حاول "سينا" إصلاح الخطأ وأراد مهاجمة "وايات" هذه المرة ولكن "وايات" إختفى فجأة وهذا يعني أن الأوان قد فات ولم تعد هنالك أي فائدة لذلك فـ"سينا" قد أنتهى.
ظهرت مشاهد من عرض نايترو التابع لإتحاد دبليو سي دبليو وظهر "وايات" وسط الحلبة مقلداّ "إيريك بيشوف" وطلب من الجميع الترحيب بـ"سينا" الّذي ظهر بأسلوب "هوليوود هولك هوغان" وأعتقد أن المقصود بذلك هو التشابه الكبير بين الشخصيتين وأن "سينا" هو وريث "هوغان" على حلبات المصارعة.
دخل "سينا" إلى الحلبة ونزع قبعته وهاجم "وايات" وبدأ يسدد له اللكمات حتى ظهرت عبارة:
If Cena Wins; We Riot
وبدأ "سينا" يستذكر جميع الهزائم الكبرى الّتي تعرض لها وجميع المرات الّتي وقف فيها جماهير المصارعة ضده ثم أكتشف فجأة أنه يهاجم إحدى دمى "وايات" ويدرك تماماً أنه كان يغوص في عقله الباطن وأن ما شاهده هو جزء لا يتجزأ من ماضيه ومسيرته كمصارع.
ظهر "ذا فيند" خلف "سينا" ليدرك الأخير أن نهايته
قد أقتربت وأن "وايات" قد تمكن منه.
ولاحظنا جميعاً كلمة (الشفاء) المكتوبة على قفاز "ذا فيند" دون أن تظهر الكاميرا كلمة (الألم) وهي دلالة كبيرة على أن ماحدث هو تجريد لـ"سينا" من مسيرته وليس مجرد ألم يتعرض له ليشفى بعد ذلك!
قام "ذا فيند" بمهاجمة "سينا" بقبضته ليتبعها بضربة (سيستر أبياغيل) ليقوم بتثبيته بعدها ويظهر "وايات" بشخصيته الإعتيادية وهو يقوم بالعد على "سينا" موضحاً لنا فكرة ما شاهدناه وهو أنها ليست مباراة مصارعة بل هي مسألة تجريد "سينا" من مسيرته ومن ماضيه بالكامل، وأن الأمر لن يتطلب تواجد حكم، "براي وايات" بالإستعانة بـ"ذا فيند" هو من سيقضي عليه تماماً .. نهض "ذا فيند" ليختفي "سينا" فجأة كما لو أن تاريخه أنتهى تماماُ ولم يبقى له وجود.
دمتم في رعاية الله وحفظه.
ولاحظنا جميعاً كلمة (الشفاء) المكتوبة على قفاز "ذا فيند" دون أن تظهر الكاميرا كلمة (الألم) وهي دلالة كبيرة على أن ماحدث هو تجريد لـ"سينا" من مسيرته وليس مجرد ألم يتعرض له ليشفى بعد ذلك!
قام "ذا فيند" بمهاجمة "سينا" بقبضته ليتبعها بضربة (سيستر أبياغيل) ليقوم بتثبيته بعدها ويظهر "وايات" بشخصيته الإعتيادية وهو يقوم بالعد على "سينا" موضحاً لنا فكرة ما شاهدناه وهو أنها ليست مباراة مصارعة بل هي مسألة تجريد "سينا" من مسيرته ومن ماضيه بالكامل، وأن الأمر لن يتطلب تواجد حكم، "براي وايات" بالإستعانة بـ"ذا فيند" هو من سيقضي عليه تماماً .. نهض "ذا فيند" ليختفي "سينا" فجأة كما لو أن تاريخه أنتهى تماماُ ولم يبقى له وجود.
دمتم في رعاية الله وحفظه.
إشترك بالنشرة البريدية
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء